فصل: الفصل الثاني والعشرون (تابع المواعظ)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدهش في المحاضرات ***


الفصل الثاني والعشرون ‏[‏تابع المواعظ‏]‏

أيها الحاطب على أزره، وزراً وآثاماً، تنبه ترى الدنيا أحلى ما كانت أحلاماً، كم نكس الموت فيها أعلاماً أعلى ما، كم أذل بقهره أقواماً أقوى ما، لا كان مفتاح أمسى له الموت ختاماً‏.‏

مَن على هذه الـديار أقـامـا*** أو صفا ملبس علـيه فـدامـا

عج بنا ننـدب الـذين تـولـوا*** باقتياد المنون عاماً فـعـامـا

تركوا كـل ذروة مـن أشـم*** يحسر الطرف ثم حلوا الرغاما

يا لحا الله مهملاً حسب الدهـر*** نؤوم الجفون عنـه فـنـامـا

هل لنا بالـغـين كـل مـراد*** غير ما يملأ الضلوع طعامـا

وإذا أعوز الحلال فشل الـلـه*** كفا جرت إلـيهـا حـرامـا

التبعات تبقى واللذات تمر، وغب الأرى وإن حلا فهو مر، وكأن قد عوى في دار العوافي ذئب الضر، وما يلهي شيء من الدنيا ويسر إلا يؤذي ويضر، وقد بانت عيوبها، فليس فيها ما يغر وإنما يعشقها الجهول ويأنف منها الحر‏.‏

تذل الرجال لأطماعها *** كذل العبيد لأربابهـا

ولا تجنين ثمار المنى *** فتجنى الهوان بأعقابها

أخواني، ربما أورد الطمع ولم يصدر، كم شارب شرق قبل الري‏؟‏ من أخطأته سهام المنية قيده عقال الهرم، ألا يتيقظ العاقل بأضرابه، ألا يتنبه الغافل بأوصابه، أيسلم والرامي تحت ثيابه‏؟‏ يا مريضاً أتعب الأطباء ما به، كأنك بالدنيا التي تقول مرحباً قد حلت الحبى وتفرقت أيدي سبا‏.‏

ويحك أخوك من عذلك لا من عذرك، صديقك من صدقك لا من صدّقك، ويحك من يطربك يطغيك، ومالا يعنبك يعنيك، تتوب صباحاً فإذا أمسيت تحول وتعول وتقول غير أنك تنقض ما تقول، وتتلون دائماً كما تتلون الغول‏.‏

يا عبد الهوى، إن دعا أمّنت وإن ادعى آمنت، كم قال لك الهوى وما سمعت، أنا مكار وتبعت، والله لقد أفتك أضعاف ما أفدتك، ولقد أعذر من أنذر، وما قصر من بصر، لما رأى المتيقظون سطوة الدنيا بأهلها، وخداع الأمل لأربابها لجأوا إلى حصن الزهد، كما يأوي الصيد المذعور إلى الحرم، لاح لهم حب المشتهي، فلما مدوا إليه أيدي التناول بان لأبصار البصائر، خيط الفخ فطاروا بأجنحة الحذر، وصوتوا إلى الرعيل الثاني ‏"‏يا ليتَ قومي يعلمون‏"‏ جمعوا الرحل قبل الرحيل، وشمروا في سواء السبيل، فالناس في الغفلات وهم في قطع الفلاة ‏"‏تلك أمة قد خلتْ‏"‏ لو رأيت مطايا أجسامهم، وقد أذا بها السرى فهي تحن مما تجن فتبكي الحداد‏.‏

للمصنف‏:‏

حنتْ فأذكتْ لوعـتـي حـنـينـا *** أشكو من البين وتشكـو الـبـينـا

قد عاث في أشخاصها طولُ السرى *** بقدر ما عـاث الـفـراق فـينـا

فخلها تمشي الهـوينـا طـال مـا *** أضحت تباري الريح في البرينـا

وكيف لا نأوي لها وهـي الـتـي *** بها قطعنا السهـل والـحـزونـا

إن كن لم يفصحن بالشكوى لنا *** فهن بالأرزام يشـتـكـينـا

قد أقرحت بما تحن كـبـدي *** إن الحزين يسعد الحـزينـا

وقد تياسرت بـهـن جـائراً *** عن الحمى فاعدل بها يمينـا

يقول صاحبي أترى آثارهـم *** نعم ولكن لا أرى القطـينـا

لو لم تجد ربوعهم كوجـدنـا *** للبين لم تبل كمـا بـلـينـا

أكلما لاح لـعـينـي بـارق *** بكت فأبدت سرى المصونـا

لا تأخذوا قلبي بذنب مقلتـي *** وعذبوا الخـائن لا الأمـينـا

دارت قلوب القوم في دائرة الخوف، دوران الكرة تحت الصولجان فهاموا في فلوات القلق، فمن خايف مستجير، ومن واحد يقول، ومن سكران يبث‏.‏

إذا لعب الرجال بكل شيء *** رأيت الحب يلعب بالرجال

طالت عليهم بادية الرياضة، ثم بدت بعدها الرياض، استوطنوا فردوس الأنس في قلة طور الطلب‏.‏

شقينا في الهوى زمناً فلمـا*** تلاقينا كأنا مـا شـقـينـا

سخطنا عندما جنت الليالـي*** فما زالت بنا حتى رضينـا

فمن لم يحيى بعد الموت يوماً*** فإنا بعد ما متـنـا حـيينـا

وقفت على قبر بعض الصالحين فقلت‏:‏ يا فلان، بماذا نلت تردد الأقدام إليك‏؟‏ فقال‏:‏ أقدمت على رد الهوى بلا تردد، فترددت إلي الأقدام، كان عطر إخلاصي خالصاً فعبق نشره بالأرواح‏.‏

للمهيار‏:‏

جرتْ مع الرسم لي محاورةٌ *** فهمتُ منها ما قاله الرسـمُ

هل لك بالنازلين أرض منى *** يا علَمَ الشوقِ بعدنا عِـلـمُ

أدلج القوم طول الليل في السرى، وخافوا عوز الماء فتمموا المزاد بالبكاء‏.‏

سلو غير طرفي إن سألتم عن الكرى *** فما لجفون العـاشـقـين مـنـام

سكن الخوف قلوبهم فإذا بها، فإذا بها في محلة الأمن، نحلوا المعرفة فتحلوا فعمر قصر القلب للملك، وقنعت الحواشي في القاع بالخيم‏.‏

وكم ناحل بين تلك الخيام *** تحسبه بعض أطنابهـا

يا هذا، سرادق المحبة لا يضرب إلا في قاع فارغ نزه ‏"‏فرِّغ قلبك من غيري ،أسكنه‏"‏‏.‏

للشريف الرضي‏:‏

تركوا الدار فـلـمـا*** نزلوا القلب أقامـوا

يا خليلي اسـقـيانـي*** زمن الوجـد مـدامُ

وصِفا لي قلعة الركب*** ولـلـيلِ مُـقــامُ

ومِـنـىً أين مـنـىً*** مِنِّي لقد شط المَـرامُ

هل على جمع نزول*** وعلى الخيف خـيام

بحق لا بد أن المحبين تذوب، ولسماء أعينهم تهمي وتصوب، لو حملوا جبال الأرض مع كر الكروب، كان ذلك قليلاً في حب المحبوب‏.‏

لابن المعتز‏:‏

رأى خضوعي فصدَّ عني*** فازددت ذلاً فزادتـيهـا

قلت له خالـياً وعـينـي*** قد أحرق الدمع ما يليهـا

هل لي في الحب من شبيه*** قال‏:‏ وأبصرت لي شبيها

الفصل الثالث والعشرون ‏[‏تابع المواعظ‏]‏

أخواني، شمروا عن سوق الدأب في سوق الأدب، واعتبروا بالراحلين وسلوا السلب قبل أن يفوت الغرض بالمرض إن عرض، فكأنكم بمبسوط الأمل قد انقبض، وبمشيد المنى قد انتقض‏.‏

يا ساكن الدنيا تأهّـب*** وانتظر يوم الفـراق

وأعد زاداً للـرحـيل*** فسوف يحدى بالرفاق

وابك الذنوب يا دمـع*** تنهل من سحب المآق

يا من أضاع زمانـه*** أرضيت ما يفنى بباق

أين عزائم الرجال‏؟‏ أين صرائم الأبطال‏؟‏ تدعي وتتوانى، هذا محال‏.‏

أشتاقكم ويحول العزم دونـكـم *** فأدعي بعدكم عنـي وأعـتـذر

وأشتكي خطراً بيني وبـينـكـم *** وآية الشوق أن يستصغر الخطر

إن هممت فبادر، وإن عزمت فثابر، واعلم أنه لا يدرك المفاخر من رضي بالصف الآخر‏.‏ قال عمر بن عبد العزيز‏:‏ خلقت لي نفس تواقة، لم تزل تتوق إلى الإمارة، فلما نلتها تاقت إلى الخلافة، فلما نلتها تاقت إلى الجنة‏.‏

لأبي فراس‏:‏

بدوت وأهلي حاضرون لأنـنـي *** أرى أن داراً لست من أهلها قفر

وما حاجتي في المال أبغي وفوره *** إذا لم يفر عرضي فلا وفر الوفر

وقال أصيحابي الفرار أو الـردى *** فقلت هما أمران أحلاهمـا مـر

سيذكرني قومي إذ جـد جـدهـم *** وفي الليلة الظلماء يفتقد الـبـدر

ولو سد غيري ما سددت اكتفوا به *** وما كان يغلو التبر لو نفق الصبر

ونحن أناس لا توسـط عـنـدنـا *** لنا الصدر دون العالمين أو القبـر

تهون علينا في المعالي نفوسـنـا *** ومن خطب الحسناء لم يغله المهر

ابتليت الهمم العالية بعشق الفضائل، شجر المكاره يثمر المكارم، متى لاحت الفريسة قذفت الغابة السبع، إذا استقام للجواد الشوط لم يحوج راكبه إلى سوط، من ضرب يوم الوغى وجه الهوى بسهم، ضرب مع الشجعان يوم القسمة بسهم، من اشتغل بالعمارة استغل الخراج، إذا طلع نجم الهمة في ظلام ليل البطالة ثم ردفه قمر العزيمة ‏"‏أشرقت الأرض بنور ربها‏"‏ يا طالباً للبدعة أخطأت الطريق، علة الراحة التعب، إن لم تكن أسداً في العزم ولا غزالاً في السبق فلا تتثعلب، يا هذا الجد جناح النجاة وكسلك مزمن، من كد كد العبيد تنعم تنعم الأحرار، من امتطى راحلة الشوق لم يشق عليه بعد السفر‏.‏

على قدر أهل العزم تأتي العزائم *** وتأتي على قدر الكرام المكارم

يا هذا ركائب الرحيل قد أنيخت بالجناب ولم تتحرج، وناقد البايع قائم على الباب ونقدك بهرج، كيف يلحق السابقين كسلان أعرج‏؟‏ لو تنقلت على عيطموس العزم وهوجاء الطلب وبميسجور القصد، وجعلباة السير، ومشمعلة الجد، ووصلت الديجور بالضحى لانقطعت الديمومة القذف، ولكنك استوطأت مهاد الكسل وإبر النحل دون العسل‏.‏

قيل لبعض أهل الرياضة‏:‏ كيف غلبت نفسك‏؟‏ فقال‏:‏ قمت في صف حربها بسلاح الجد، فخرج مرحب الهوى بدافع، فعلاه على العزم بصارم الحزم، فلم تمض ساعة حتى ملكت خيبر، وقيل لآخر‏:‏ كيف قدرت على هواك‏؟‏ فقال‏:‏ خدعته حتى أسرته واستلبت عوده فكسرته وقيدته بقيد العزلة، وحفرت له مطمور الخمول في بيت التواضع، وضربته بسياط الجوع، فلان يا فلان، ألك‏؟‏ في مجاهدة النفس نية أم النية نية‏؟‏ أتعبتني وأنت أنت، يا خنشليلا في كل دردبيس، إلى متى تجول في طلب هجول‏؟‏ ما نفشت غنم العيون النواظر في زروع الوجوه النواضر إلا وأغير على السرح، من تعرض للعنقفير لقي الأمرين، المتعرض للنبلة أبله، ما عزَّ يوسف إلا بترك ما ذل به ماعز، لو ركد كدر دهن الذهن سمت ذبالة المصباح‏.‏

أخواني إلى متى سكر عن المقصود‏؟‏ ألا صحو ساعة‏؟‏ أريقوا قرقف الهوى قبل هجوم صاحب الشرطة، اكسروا الظروف ظرفاً ليعلم حسن قصدكم للتوبة، وليشغلكم ذكر صوت الناي عن صوت الناي، والفكر في خراب المغاني عن لغات الأغاني، فكم من شاب ما شاب، وكم من راج راج له أن خاب، ما أسرع افتراق الصاحبين إذا صاح بين، ‏"‏فمفترق جاران داراهما عمر‏"‏‏.‏

مثل أهل الدنيا في غفلتهم وطول آمالهم كمثل الحاج، نزلوا منزلاً فقام أقوام يقطعون الصخور ويبنون البيوت، فقال المتيقظون‏:‏ ويحكم ما هذا البله‏؟‏ الرحيل بعد ساعة، لو علم الورد قصر عمره ما تبسم، بينما هو ينشر بز ريحه، في شمال البكور بزه الناطور فإذا به في زجاجة الزور، فانتبه أنت ولا تغتر بزور نسيم الدجى يفتح مستغلق الجبند، وخوف سموم النهار يعيد اللينوفر إلى الماء، اسمع يا من لا يحركه تشويق، ولا يزعجه تخويف‏.‏

إذا المرء كانت له فكرة *** ففي كل شيء له عبرة

تزوج صلة بن أشيم فأدخله ابن أخيه الحمام، ثم أدخل إلى المرأة وقد طيب فقام يصلي فمد الصلاة إلى الفجر، فعاتبه ابن أخيه فقال‏:‏ إنك أدخلتني أمس بيتاً ذكرتني به النار، ثم أدخلتني بيتاً ذكرتني به الجنة، فما زال فكري فيهما حتى أصبحت‏.‏

كفى حزنـاً أن لا أعـاين بـقـعة *** من الأرض إلا ازددت شوقاً إليكم

وإني متى ما طاب لي خفض عيشة *** تذكرت أياماً مضت لـي لـديكـم

مر بعض الفقراء بامرأة فأعجبته فتزوجها، فلما دخل البيت نزعوا خلقانه وألبسوه ثياباً جدداً، فلما جن عليه الليل طلب قلبه فلم يجده فصاح‏:‏ خلقاني خلقاني، فأخذها ورجع‏.‏

للشريف الرضي‏:‏

ما ساعفتني الليالي بعد بعـدهـم *** إلا ذكرت ليالينـا بـذي سـلـم

ولا استجد فؤادي في الزمان هوى *** إلا ذكرت هوى أيامنـا الـقـدم

لا تطلبن لي الأبدال بعدهـم *** فإن قلبي لا يرضى بغيرهم

الفصل الرابع والعشرون ‏[‏تابع المواعظ‏]‏

يا طويل الأمل في قصير الأجل، أما رأيت مستلباً وما كمل‏؟‏ أتؤخر الإنابة وتعجل الزلل‏.‏

يا من يعد غداً لتوبـتـه*** أعلى يقين من بلوغ غد

المرء في زلل على أمل*** ومنية الإنسان بالرصـد

أيام عمرك كلهـا عـدد*** ولعل يومك آخر العدد

يا أخي التوبة التوبة قبل أن تصل إليك النوبة، الإنابة الإنابة قبل أن يغلق باب الإجابة، الإفاقة الإفاقة فيا قرب وقت الفاقة، إنما الدنيا سوق للتجر، ومجلس وعظ للزجر، وليل صيف قريب الفجر، المكنة مزنة صيف، الفرصة زورة طيف، الصحة رقدة ضيف، الغرة نقدة زيف، الدنيا معشوقة وكيف، البدار البدار فالوقت سيف‏.‏

يا غافلاً عن مصيره، يا واقفاً في تقصيره سبقك أهل العزائم وأنت في اليقظة نائم، قف على الباب وقوف نادم، ونكس رأس الذل وقل أنا ظالم، وناد في الأسحار مذنب وواجم، وتشبه بالقوم وإن لم تكن منهم وزاحم، وابعث بريح الزفرات سحاب دمع ساجم، قم في الدجا نادبا، وقف على الباب تائبا، واستدرك من الغمر ذاهباً، ودع اللهو والهوى جانباً، وإذ لاح الغرور رأى راهباً، وطلق الدنيا إن كنت للأخرى طالباً ولكن بلا قلب إلى أين أذهب‏.‏

يا من قد ضاع قلبه اطلبه في مظان إنشاد الضلال، الضايع إنما ينشد في المجامع، فاطلب قلبك في مجالس الذكر، أو بين أهل المقابر، وربما دخلت بيت الفكر فرأيته فأي موضع غلب على ظنك وجوده فلا تقصر في البحث عنه، هذه النسور والرخم على كثافة طبعها إذا رأت جيشاً تبعته لما ترجو من قتال يوجب قتلى وأخداج حامل، أفما ترجو أنت في المجلس إجابة دعوة أو حضور قلب‏؟‏ يا نائماً طول الليل، سارت الرفقة، رحل القوم كلهم وما انتبهت من الرقدة، ويحك أتدري ما صنعت بنفسك‏؟‏ دخلت دار الهوى فقامرت بعمرك، كنت أمس قلب أمس فتراك في تصحيف ترى، لاحت لك العاجلة، فهمت كأنك ما فهمت فلما تبدلت تبلدت أخبرني عن تخليطك فالطبيب لا يكذب، سجيتك تعلمني فاسمع أحدثك، استكثرت من برودات الغفلة فقعد نشاط العزم، فلو قاومتها بحرارات الحذر لقام المقعد، أما تعلم أن مطاعم المطامع تولد سدداً في كبد الجد، المحنة العظمى موافقة الهوى من غير تدبر، أنت ترى ما تشتهي فتضرب الحد‏.‏

يا أسيراً في قبضة الغفلة، يا صريعاً في سكرة المهلة، أما يخطر بقلبك خطر أمرك، ويحك قد وهن العظم العظيم وما شابت همة الأمل، اخلق برد الحياة وما انكفت كف البطالة، قربت نوق الرحيل وما في المزاد زاد قدمت معابر العبور وأنت تلهو على الساحل، أكثر العمر قد مر، وأنت تتغلغل في تضييع الغابر، أترجح الفاني على الباقي‏؟‏ تثبت، ففي الميزان عين، إن حركك حظ من حظ فالحظ الحظ الأحظ، والله لو شغلك نيل الجنة عن الحق لحظة كان في تدبيرك وكس، ويحك أنا بدك اللازم فالزم بدك، خاصمت عنك قبل وجودك ‏"‏إني أعلم‏"‏ واعتذرت عنك في زلل ‏"‏فدلاهما‏"‏ ولقنتك العذر ‏"‏ما غرك بربك‏"‏ وواصلتك برسائل ‏"‏هل من سائل‏"‏‏.‏

إذا لم يكن بيني وبينك مرسل *** فريح الصبا مني إليك رسول

كان بعض الأغنياء كثير الشكر، فطال عليه الأمد فبطر وعصى فما زالت نعمته ولا تغيرت حالته، فقال‏:‏ يا رب تبدلت طاعتي، وما تغيرت نعمتي، فهتف به هاتف‏:‏ يا هذا لأيام الوصال عندنا حرمة حفظناها وضيعتها‏.‏

للمهيار‏:‏

سَلْ بـسـلـعٍ كـان وكـنـا *** ليت شعري ما الذي ألهاك عنّا

أهوىً أحدّثْـتَـه أم كـاشـحٌ *** دبَّ أم ذنبٌ سرى أم تتجنّـى

تاب رجل ممن كان قبلكم ثم نقض، فهتف به هاتف في الليل‏:‏

سأترك ما بيني وبينك واقفاً *** فإن عدت عدنا والوداد سليم

تواصل قوماً لا وفاء لعهدهم *** وتترك مثلي والحفاظ قديم

يا ناقضي العهود انظروا لمن عاهدتم، تلافوا خرق الخطاء قبل أن يتسع‏.‏

عودوا إلى العهد عودوا*** فالهجر صعب شـديد

تذكرونا فمـا عـهـد*** نا لـديكـم بـعــيد

هل يرجع البان يومـاً*** وهل تـعـود زرود

يا هذا أقبل علينا، تر من إقبالنا عليك العجب، احفظ الله يحفظك، اطلب الله تجده أمامك، من كان لنا عينا على قلبه، أجرينا له جامكية أمين‏.‏

أنت على البعد همومي إذا *** غبت أشجاني على القرب

لا أتبع القلب إلى غيركـم *** عيني لكم عين وعلى قلبي

يا هذا حفر النهر إليك وإجراء الماء ليس عليك، احفر ساقية ‏"‏فاذكروني‏"‏ إلى جنب بحر ‏"‏أذكركم‏"‏ فإذا بالغ فيها معول الكد، فاضت عليك مياه البحر، ‏"‏فبي يسمع وبي يبصر‏"‏ الق بذر الفكر في أرض الخلوة وسق إلى ساقية من ماء الفكر، لعلها تنبت لك شجرة ‏"‏أنا جليس من ذكرني‏"‏‏.‏

للشريف الرضي‏:‏

يُرَنِّحُني إليكَ الشوق حتـى*** أميل من اليمين إلى الشمالِ

كما مال المُعاقِر عـاودَتْـه*** حُمَيّا الكأس حالاً بعد حالِ

ويأخذني لذكـراك ارتـياحٌ*** كما نشط الأسير من العِقالِ

وأيسرُ ما ألاقي أن هـمّـا*** يُغَصِّصُني بذا الماءِ الزلالِ

هبت رياح الخوف فقلقلت قلوب الخائفين فلم تترك ثمرة دمع في فنن جفن، إذا نزل آب في القلب، سكن أذار في العين‏.‏

تبلني بجفـاً يزيد خـضـوعـي*** يكفيك أن النار بين ضلـوعـي

وحياة سقمي في هـواك فـإنـه*** قسم الهوى ووحق فيض دموعي

لأوكلن عليك عيني بـالـبـكـاء*** ولأعشقن عليك طول هلوعـي

كانت مع هشام بن حسان جارية في الدار فكانت تقول‏:‏ أي ذنب عمل هذا‏؟‏ من قتل هذا‏؟‏ فتراه الليل كله يبكي‏.‏

تركت الفؤاد علـيلاً يعـاد *** وشردت نومي فما لي رقاد

كان فتح الموصلي يبكي الدموع ثم يبكي الدم، فقيل له‏:‏ على ماذا بكيت الدم‏؟‏ فقال‏:‏ خوفاً على الدموع أن تكون ما صحت لي‏.‏

يا من لفؤاد وامق ما يصحـو *قد طال لعظم ما عناه الشرح

والعين لها دم ودمع سـمـح *ذا يكتب شجوه وهذا يمحـو

الفصل الخامس والعشرون ‏[‏تابع المواعظ‏]‏

يا من يعظه الدهر ولا يقبل، وينذره القهر بمن يرحل، ويضم العيب إلى الشيب وبئس ما يفعل، كن كيف شئت فإنما تجازى بما تعمل‏:‏

دعني فإن غريم العقل لازمـنـي *** وذا زمانك فامرح فيه لازمنـي

ولّى الشباب بما أحببت من مـنـح *** والشيب جاء بما أبغضت من محن

فما كرهت ثوى عندي وعنفـنـي *** وما حرصت عليه حين عن فنـي

يا جايراً، كلما قيل أقسط قسط، يا نازلاً، فسطاط الهوى، على شاطئ الشطط، يا ممهلاً لا مهملاً ما عند الموت غلط، كم سلب وضيعاً وشريفاً سلباً عنيفاً وخبط، أما مضغ الأرواح‏؟‏ فلما طال المضغ استرط، أما يكفي نذيرهم‏؟‏ بلى قد خوف الفرط، تالله ما يبالي حمام الحمام أي حب لقط‏؟‏ أما خط الشيب خط النهي عن الخطآء لما وخط، أما آذن الشباب بالذهاب فماذا بعد الشمط‏؟‏

ما أن يطيب لذي الرعاية للأ *** يام لا لـعـب ولا لـهـو

إذ كان يطرب في مسرتـه *** فيموت من أجزائه جـزو

يا مدعواً إلى نجاته وهو يتوانى، ما هذا الفتور‏؟‏ والرحيل قد تدانى، يا مقبلاً على هفواته لا يألو بهتاناً، كأنك بالدمع يجري عند الموت تهتاناً، وشغل التلف قد أوقد من شعل الأسف نيرانا، وأنت تبكي تفريطك حتى لقد أقرحت أجفانا، والعمل الصالح ينادي من كان أجفانا، احذر زلل قدمك، وخف حلول ندمك، واغتنم وجودك قبل عدمك، واقبل نصحي ولا تخاطر بدمك‏.‏

إذا ما نهاك امرؤٌ نـاصـحٌ *** عن الفاحشات انزجر وانتهِ

وإما علـوت إلـى رتـبة *** فكن حذراً بعدها أن تهـي

وإما ترى مهجة في الثرى *** فلا تغترر بالمنى أنت هي

خاصم نفسك عند حاكم عقلك لا عند قاضي هواك، فحاكم العقل يدين وقاضي الهوى يجور، كان أحد السلف إذا قهر نفسه بترك شهوة أقبل يهتز اهتزاز الرامي إذا قرطس، لما عرف القوم قدر الحياة، أماتوا فيها الهوى فعاشوا، انتبهوا بأكف الجد من الزمن ما نثره زمن البطالة‏.‏

وركب سروا والليل ملق رواقـه *** على كل مغبر الطوالـع قـاتـم

حدوا عزمات ضاقت الأرض بينها *** فصار سراهم في ظهور العزائم

تريهم نجوم الليل ما يبتـغـونـه *** على عاتق الشعري وهام النعـائم

إذا طردوا في معرك الجد قصفوا *** رماح العطايا في صدور المكارم

هان عليهم طول الطريق لعلمهم أين المقصد، وحلت لهم مرارات البلا حباً لعواقب السلامة، فيا بشراهم يوم ‏"‏هذا يومكم‏"‏‏.‏

قف بالديار فـهـذه آثـارهـم *** نبكي الأحبة حسرة وشـوقـا

كم قد وقفت بها أسائل مخبـراً *** عن أهلها أو صادقاً أو مشفقـا

فأجابني داعي الهوى في رسمها *** فارقت من تهوى فعز الملتقى

يا ربوع الأحباب أين سكانك‏؟‏ يا مواطن الألباب أين قطانك‏؟‏ يا جواهر الآداب أين خزانك‏؟‏ للمهيار‏:‏

يطربني للمنازل الـيوم مـا*** أسأر عندي أيامُهـا الـقُـدُمُ

وتطيبني على فصاحة شكواي*** إليها ربوعُـهـا الـعُـجُـمُ

علي يا دار جهدُ عيني ومـا*** عليَّ عارٌ أن تبخـل الـدِّيَمُ

لك الرضا من جِمام أدمعهـا*** أو دمها إن سقى ثـراك دمُ

أما وعهد الغادين عنـكِ وأش*** جانٍ بواقٍ لي فيكِ بعـدهُـمُ

وما أطال المنى وأعرض من*** عيشٍ كأن اختلاسه حُـلْـمُ

هل هو إلا أن قيل‏:‏ جُن بهـم*** نعم‏!‏ على كل حـالة نَـعَـمُ

بتـنـا وأطـواقـنـا يد ويد*** ورسل أشواقنـا فـم وفـم

يا هذا تنزه في أخبار المحبين إن لم تكن منهم، إن أهل الكوفة يخرجون للتفرج على الحاج، اقعد على جانب وادي السحر لعل إبل القوم تمر بك‏.‏

خذي على قطن يمينـا *** فعسى أريك به القطينا

مني تعلمت الحـمـام *** النوح والإبل الحنينـا

وآسف المتقاعد عنهم، واحسرة البعيد منهم

سلو عن فؤادي ساكني ذلك الـوادي *** فقد مر مجتازاً على يمـنة الـوادي

مضى يطلب الأحباب والقوم قد سروا *** فضل ومروا مسرعين مع الحـادي

فها أنا أبكيهم وأبـكـيه بـعـدهـم *** وتطلبهم عيني مع الرائح الـغـادي

وا حاجتنا إلى رؤية القوم، ويا شدة إيثارهم البعد عنا، إن رأينا شخصاً فأعلمتنا الفراسة أنه منهم كانت همته الهرب منا، وما ذاك إلا للتباين بين أفعالنا وأعمالهم فلنبك على هذه الحال‏.‏

عجبت لمـا رأتـنـي*** أندب الربع المحـيلا

واقفاً في الدار أبكـي*** لا أرى إلا الطـلـولا

كيف نبـكـي لأنـاس*** لا يملـون الـذمـيلا

كلما قلت اطمـأنـت*** دارهم صاحوا الرحيلا

كان بعض الصالحين يتستر بإظهار الجنون فتبعه مريد فقال له‏:‏ والله ما أبرح حتى تكلمني بشيء ينفعني، فإني قد عرفت تسترك، فسجد وجعل يقول في سجوده‏:‏ اللهم سترك، فمات‏.‏

أسميك سعدى في نسيبي تـارة *** وآونة اسمـا وآونة لـبـنـى

حذاراً من الواشين أن يسمعوا بنا *** وإلا فمن سعدى لديك ومن لبنا

الفصل السادس والعشرون ‏[‏تابع المواعظ‏]‏

يا مخدوعاً قد فتن، يا مغروراً قد غبن، من لك إذا سوى عليك اللبن‏؟‏ في بيت قط ما سكن، سلب الرفيق نذير والعاقل فطن‏.‏

أنت في دار شتات *** فتأهب لشتـاتـك

واجعل الدنيا كـيومٍ *** صمته عن شهواتك

وليكن فطرك عنـد *** الله في يوم وفاتك

إياك والدنيا فإن حب الدنيا مبتوت، واقنع منها باليسير فما يعز القوت، يا قوت الندم يغني عن الياقوت، احذر منها فإنها أسحر من هاروت وماروت، ليس للماء في قبضة ممسك ثبوت ‏"‏وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت‏"‏ أين من جمع المال وملأ التخوت، تساوى تحت اللحود السادات والتحوت، ما نفعه إن جال في البأس جالوت ولا رد عنه إن طال القوم طالوت، ولا منع أصحابه حلول التابوت، لقد أخرج الموت من قعر اليم الحوت، قل للذين تديروا تدبروا، أين البيوت‏؟‏ جوزوا على الذين جوزوا، فقد وعظ الخفوت، كم مسئول عن عذره في قبره مبهوت، لقد أنطق الوعظ الصخور الصموت، أما يكفي زجراً أنك تموت، بادر عمراً في كل يوم يفوت، قل أنا تائب إلى كم سكوت‏؟‏ قد تعودت منك النفس في المجلس، النطق بالتوبة فهي تسخو بالكلام لعلمها أنه على غير أصل، ولو تيقنت صدق عزمك لتوقفت عن القول، هذا العصفور إذا كان على حائط فصحت به لم يبرح فإذا أهويت إلى الأرض كأنك تناول حجراً يلمح يدك فارغة فلم ينفر، فإذا وضعت يدك على حجر رأى الجد ففر، يا هذا، قولك أنا تائب من غير عزم، نفخ في غير ضرم، بيض التراب لا يخرج منه فرخ‏.‏

أخواني، العمر أنفاس تسير بل تطير، الأمل منام لا ترى فيه إلا الأحلام، هذا سيف الموت قد دنا، فإن ضرب قدنا، هذا الرحيل ولا زاد عندنا، انتبهوا من رقاد الغفلة، تيقظوا من نوم العطلة، عرجوا عن طريق البطالة، ابعدوا عن ديار الوحشة، الفترة حيض الطباع، ووقوع العزيمة، رؤية النقا فحينئذٍ يتوجه الخطاب بالتوجه إلى محراب الجد، أول منازل الآخرة القبر، فمن مات فقد حط رحل السفر، وسائر الورى سائر، من كان في سجن التقى فالموت يطلقه، ومن كان هائماً في بوادي الهوى فالموت له حبس يوثقه، موت المتعبدين عتق لهم من استرقاق الكد ورفق بهم من تعب المجاهدة، وموت العصاة سباء يرقون به لطول العذاب، من كان واثقاً بالسلامة من جناية فرح يفك باب السجن، لما توعد فرعون السحرة بالصلب أنساهم أمل لقاء الحبيب مرارة الوعيد ‏"‏إنّا إلى ربنا منقلبون‏"‏ يا فرعون غاية ما تفعل أن تحرق الجسم، والركب قد سرى ‏"‏لا ضير‏"‏ من لاحت له منى، نسي تعب المدرج‏.‏

للمهيار‏:‏

متى رُفعت لها بالغور نار *** وقرّ بذي الأراك لها قرارُ

فكلُّ دمٍ أراق السير منهـا *** بحكم الشوق مطلولٌ جُبارُ

لا بد للمحبوب من اختبار المحب ‏"‏ولنبلونكم‏"‏ أسلم أبو جندل بن سهيل فقيده أبوه، فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديبية خرج أبو جندل يرسف في قيده، فدخل في الصحابة، فقال سهيل‏:‏ هذا أول من أقاضيك عليه، فاستغاث أبو جندل‏:‏ يا معشر المسلمين، أأرد إلى المشركين، فيفتنوني عن ديني، فقال الرسول‏:‏ لا بد من الوفاء فرد إليهم، فقدمه يسعى نحوهم وقلبه يجهز جيوش الحيل في الخلاص‏.‏

للمهيار‏:‏

أنذرتني أم سعدٍ أن سـعـدا *** دونها ينهد لي بالشر نَهْـدا

وعلى ما صفحوا أو نقمـوا *** ما أرى لي منك يا ظبية بُدّا

لما أسلم مصعب بن عمير حبسه أهله، فأفلت إلى الحبشة، ثم قدم مكة، فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسلت إليه أمه، يا عاق أتدخل بلداً أنا فيه ولا تبدأ بي‏؟‏ فقال‏:‏ ما كنت لأبدأ بأحد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرادت حبسه، فقال‏:‏ والله لئن حبستني لأحرصن على قتل من يتعرض لي، فتركته‏.‏

وعاذلين لحوبـي فـي مـودتـكـم *** يا ليتهم وجدوا مـثـل الـذي أجـد

لما أطالوا عتابي فيك قلـت لـهـم *** لا تفرطوا بعض هذا اللوم واقتصدوا

جمع حبس التعذيب بين بلال وعمار، مصادرين على بذل الدين فزوروا نطق عمار على خط قلبه، فلم يغرفوا التزوير، وأصر بلال على دعوى الإفلاس فسلموه إلى صبيانهم في حديدة يصهرونه في حر مكة، ويضعون على صدره وقت الرمضاء صخرة ولسان محبته يقول‏:‏

بعينيك ما يلقى الفؤاد وما لقـي *** وللشوق ما لم يبق مني وما بقى

وا عجباً، إيلام ذو حس على عشق يوسف‏؟‏ قدم الطفيل بن عمر والدوسي مكة فقالت له قريش‏:‏ لا تدن من محمد فإنا نخاف أن يفتنك، فسد أذنيه بقطنتين ثم تفكر، فقال‏:‏ والله ما يخفى عليَّ الحسن من القبيح، فانطلق فسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم‏.‏

 

وما كنت ممن يدخل العشق قلبه *** ولكن من يبصر جفونك يعشق

قطعت قريش لحم خبيب، ثم حملوه إلى الجذع ليصلب، فقالوا‏:‏ أتحب أن محمداً مكانك‏؟‏ فقال‏:‏ والله ما أحب أني في أهلي وولدي وأن محمداً شيك بشوكة، ثم نادى وا محمداه‏.‏

إن في الأسر لصبـا *** دمعه في الخد صب

هو بالـروم مـقـيم *** وله بالشام قـلـب

لما بعث معاذ إلى اليمن، خرج الرسول يودعه، ودموع معاذ ترش طريق الوداع‏.‏

ولما تزايلنا من الجزع وانـتـأى *** مشرق ركب مصعد عن مغرب

تبينت أن لا دار من بعد عـالـج *** تسر وأن لا خلة بـعـد زينـب

كانت الدنيا بمثلهم عسلاً فتعلقمت بمثلكم، خلت الديار من الأحباب فلما فرغت ردم الباب‏.‏

للنابغة‏:‏

وقفتُ فيها أصيلاً كي أسـائلـهـا *** أعيت جواباً وما بالربع مـن أحـدِ

أضحت قفاراً وأضحى أهلها احتملوا *** أخنى عليها الذي أخنى على لُـبَـدِ

حن ببعض أنديتهم ونادبها، وابك فقد الأحباب ونادبها‏.‏

للبحتري‏:‏

إذا جزت بالغور اليماني مغربـا *** وحاذتك صحراء الشواجر يا سعد

فناد ديار العامـرية بـالـلـوى *** سقت ربعك الأنواء ما فعلت هند